دور نهج تعزيز الكوادر الوظيفية بالخبرات والمهارات حسب الحاجة في مواجهة نقص الكفاءات التقنية في 2024
[ الأعمال ]
تاريخ
8 أكتوبر 2024
مدة القراءة
قراءة تستغرق 4 دق
مشاركة المنشور
[ الأعمال ]
لا يزال هناك فجوةٌ بين الطلب والعرض على المتخصصين في مجال التكنولوجيا في عام 2024، رغم وجود زيادةٍ قدرها 35% في فرص العمل في هذا القطاع على المستوى العالمي نتيجةً للتطورات في مجالات الذكاء الاصطناعي، والأمن السيبراني، والحوسبة السحابية، والتحول الرقمي. ووفقًا لما ذكره المنتدى الاقتصادي العالمي، سيفقد أكثر من 85 مليون شخص وظائفهم بحلول عام 2025، بينما سيظهر 97 مليون شاغر وظيفي جديد، خصوصًا في مجال التكنولوجيا. ومع ذلك، أدى هذا النمو السريع إلى نقص حاد في الكفاءات، مما يجعل الشركات تواجه صعوبات في شغل الوظائف الأساسية.
وفي ظل هذا النمو السريع، يزداد توجه الشركات نحو الاعتماد على نهج تعزيز الكوادر الوظيفية بالخبرات والمهارات حسب الحاجة، لاستقطاب خبراء خارجيين يتمتعون بمستوىً متقدم من المهارات لسد الفجوات وتحقيق الأهداف المطلوبة. ومن الأمثلة على الشركات التي تعتمد هذا النهج جوجل وآي بي إم ونتفليكس، والتي تثبت بتوجهها هذا أن تعزيز الكوادر الوظيفية بالخبرات والمهارات حسب الحاجة قد أصبح أداة حيوية للتعامل مع المتطلبات المتغيرة في مجال التكنولوجيا.
يعني "تعزيز الكوادر الوظيفية بالخبرات والمهارات حسب الحاجة" الاستعانة بخبراء خارجيين بشكلٍ مؤقت ولفترة محدودة بهدف تقديم الدعم إلى فرق العمل الأساسية في الشركات. ويتميز هذا النهج بالعديد من الأمور، التي منها تعزيزُ مرونة الشركات وجعلها قادرة على التوسع بسرعة وزيادة عدد الموظفين، وشغل الوظائف التي تتطلب خبرات خاصة دون الحاجة للالتزام بالتعيينات بدوام كامل.
ووفقًا لتقرير محللي صناعة التوظيف (Staffing Industry Analysts)، من المتوقع أن تبلغ قيمة السوق العالمي لتعزيز الكوادر الوظيفية بالخبرات والمهارات حسب الحاجة 180 مليار دولار في عام 2024، بزيادةٍ قدرها 12% عن العام 2023. وتُعزى هذه الزيادة إلى الطلب الكبير على الخبراء في المجالات المتخصصة مثل الذكاء الاصطناعي، والبلوك تشين، والأمن السيبراني، حيث يصعب تعيين موظفين بدوام كامل.
على سبيل المثال، استعانت جوجل بنهج تعزيز الكوادر الوظيفية بالخبرات والمهارات حسب الحاجة لتوظيف مطورين لمشروع الذكاء الاصطناعي الخاص بها من ديب مايند (DeepMind)، حيث استقطبت خبراء خارجيين في مجال التعلم الآلي لتسريع البحث والتطوير دون التأثير على فرق العمل في الشركة. علاوةً على ذلك، اعتمدت شركة آي بي إم بشكلٍ مكثف على نهج تعزيز الكوادر الوظيفية بالخبرات والمهارات حسب الحاجة خلال فترة تطوير مشاريع الحوسبة الكمومية، من خلال توظيف متخصصين لفتراتٍ مؤقتة لسد الفجوات المعرفية وضمان تسليم الابتكارات في الوقت المناسب.
في ظل المنافسة المتزايدة على وظائف التكنولوجيا، يتطلب استقطاب أفضل الكفاءات من خلال تعزيز الكوادر الوظيفية بالخبرات والمهارات حسب الحاجة نهجًا متكاملاً متعدد الجوانب. ومن الأمثلة على الاستراتيجيات التي تستطيع الشركات الاستفادة منها في هذا المجال في عام 2024:
الوصول إلى أفضل المواهب العالمية
بدأ توجهٌ غير مسبوق نحو العمل عن بُعد على مستوى العالم بالتزامن مع جائحة كورونا، وما زال هذا التوجه متواصلاً ويُمثل قوةً دافعة ومؤثرة في عام 2024. ووفقًا لاستطلاعٍ نشرته منصة أبوورك (Upwork)، من المتوقع أن يصل عدد الأمريكيين الذين يعملون عن بُعد إلى 36.2 مليون بحلول عام 2025، بزيادة قدرها 16% عن الأرقام التي سُجلت قبل الجائحة. وقد فتح هذا الاتجاه أمام الشركات باب الوصول إلى الكفاءات الموجودة في مراكز التكنولوجيا الناشئة في شرق أوروبا والهند وأمريكا اللاتينية، والتي تتمتع بتكاليف عمالة أقل مع مستويات مهارات عالية.
أما نتفليكس، فقد اعتمدت على نهج تعزيز الكوادر الوظيفية بالخبرات والمهارات حسب الحاجة للوصول إلى أفضل الكفاءات من مختلف أنحاء العالم للاستفادة منها في مشاريع تحليل البيانات وتقنيات البث. كما نجحت نتفليكس في توسيع نطاق بنيتها التحتية التكنولوجية إلى حد كبير دون مواجهة مشكلات نقص الكفاءات المحلية، من خلال دعم فرق عملها بالمطورين الخارجيين من بلدان مثل بولندا والبرازيل.
تقديم حوافز ومزايا تنافسية
نظرًا للطلب المرتفع على المتخصصين في مجال التكنولوجيا، تتطلع أفضل الكفاءات التي يتم استقطابها من خلال نهج تعزيز الكوادر الوظيفية بالخبرات والمهارات حسب الحاجة إلى الحصول على رواتب ومزايا تنافسية. وكما هو معروف، لا تزال الحوافز واحدة من أبرز العوامل الهامة المؤثرة على اختيار الوظائف في مجال التكنولوجيا في عام 2024. ومع ذلك، فإن الميزات الأخرى مثل المرونة، وفرص التدريب، والانخراط في المشاريع على المدى الطويل تحتل مكانة متساوية في الأهمية. أشار استطلاعٌ نشره موقع غلاس دوور (Glassdoor) إلى أن الموظفين في مجال التكنولوجيا الذين تمّ استقطابهم من خلال نهج تعزيز الكوادر الوظيفية بالخبرات والمهارات حسب الحاجة قد حصلوا في عام 2023 على راتب أعلى بنسبة 20% مقارنةً بزملائهم العاملين في نفس المجال بدوامٍ كامل، مما يعكس لمحة عن المزايا التي توفرها الشركات مقابل الاستفادة من المهارات المتخصصة لفترة مؤقتة.
هذا النهج تتبعهُ أيضًا شركة مايكروسوفت في خدمة الحوسبة السحابية الخاصة بها مايكروسوفت أزور (Microsoft Azure)؛ حيث تعمل على استقطاب ما نسبتهُ 5% من أفضل الخبراء في مجال السحابة الحاسوبية على مستوى العالم من خلال تقديم باقات مميزة من المزايا والحوافز التنافسية ومنح الفرص لمهندسي ومطوري السحابة الخارجيين بالمشاركة في عمليات اتخاذ القرارات. وعن فائدة هذا النهج، فهو يساهم في تمكين شركة مايكروسوفت في الحفاظ على صدارتها ومكانتها الرائدة في مجال الحوسبة السحابية.
التركيز على المهارات والخبرات المتخصصة
من الدوافع الرئيسية لتوجه الشركات نحو نهج تعزيز الكوادر الوظيفية بالخبرات والمهارات حسب الحاجة: الرغبة في الاستفادة من الخبرات المتخصصة التي قد لا تتواجد في بيئة العمل الداخلية وهناك تزايد في الطلب عليها، مثل مهارات الذكاء الاصطناعي والبلوك تشين والأمن السيبراني. بحسب موقع لينكد إن (LinkedIn)، شهد العام 2023 ارتفاعًا بنسبة 80% في الطلب على الوظائف التي تتطلب مهارات الذكاء الاصطناعي، ولا تشير المؤشرات إلى أن هذه الزيادة ستتراجع.
ومن الأمثلة الواقعية على ذلك تجربة فريق أليكسا في أمازون، والذي اعتمد على نهج تعزيز الكوادر الوظيفية بالخبرات والمهارات حسب الحاجة لتوظيف خبراء الذكاء الاصطناعي في مجالات معالجة اللغة الطبيعية (NLP). وقد ساعدت خبرات هؤلاء المتخصصين الخارجيين أمازون على تسريع وتيرة تطوير ميزات أليكسا الجديدة، استجابةً للاحتياجات المتزايدة للمستخدمين للحصول على مساعدات صوتية أكثر ذكاءً.
تطوير بيئات عمل أكثر مرونة
تعتبر كلٌ من المرونة في ساعات وموقع العمل من المتطلبات الرئيسية تُهم المتخصصين في مجال التكنولوجيا في العام 2024. وقد أفاد تقرير صادر عن شركة ماكنزي (McKinsey) أن 71% من الموظفين يتوقعون استمرار خيارات العمل المرنة حتى بعد جائحة كورونا، حيث تُعد هذه الخيارات من العوامل الحاسمة التي تؤثر في اختياراتهم الوظيفية. وبالنسبة للشركات التي توفر خيارات مرنة في التوظيف من خلال نهج تعزيز الكوادر الوظيفية بالخبرات والمهارات حسب الحاجة، فهي تتميز بقدرتها على استقطاب الكفاءات المميزة بسهولة أكبر.
تعتبر شركة سيلز فورس (Salesforce) من الأسماء البارزة في توفير بيئات العمل المرنة عن بُعد، وقد قامت بتوسيع هذا البيئات لتشمل الموظفين الذين يتم استقطابهم من خلال نهج تعزيز الكوادر الوظيفية بالخبرات والمهارات حسب الحاجة. بفضل سياسة "العمل من أي مكان" التي تبنتها سيلز فورس، فقد نجحت بالفعل في جذب مطورين ومديري مشاريع خارجيين من مختلف مناطق العالم، مما يُساهم في استمرار تنفيذ المشاريع بشكلٍ متواصل دون انقطاع، وتعزيز كفاءة الأداء.
رغم أن نهج تعزيز الكوادر الوظيفية بالخبرات والمهارات حسب الحاجة يوفر حلاً فعالاً لمشكلة نقص الكفاءات، إلا أنه يحمل في طياته تحديات لا يمكن تجاهلها. ولهذا، من الضروري أن تبذل الشركات جهودًا مضاعفة في إدارة فرق العمل الخارجية التي يتم استقطابها باستخدام هذا النهج، وأن تضمن توافق هذه الفرق مع أهدافها وثقافتها المؤسسية، ولا سيما أنّ هذه العملية قد تمثل تحديًا كبيرًا فيما يتعلق بالتعامل عن بُعد مع الموظفين من مختلف الدول والمناطق الزمنية.
بالإضافة إلى ذلك، تشتد المنافسة على استقطاب أفضل الكفاءات ذات المهارات والخبرات المتقدمة من خلال نهج تعزيز الكوادر الوظيفية بالخبرات والمهارات حسب الحاجة. وبسبب توجه الشركات العملاقة مثل جوجل وأمازون ومايكروسوفت إلى الاعتماد على هذا النهج بشكلٍ مكثف وعلى نطاق واسع، فقد تواجه الشركات الصغيرة من جهتها تحدياتٍ في استقطاب هذا المستوى من الكفاءات دون تقديم المزايا التنافسية والمرونة في العمل.
بالنسبة لمستقبل نهج تعزيز الكوادر الوظيفية بالخبرات والمهارات حسب الحاجة، فهو يحمل الكثير من الآفاق الواعدة نتيجة توجه الشركات بشكلٍ متزايدٍ للاعتماد عليه من أجل الاستجابة للمتطلبات المتغيرة في مجال التكنولوجيا. وفي هذا السياق، تشير شركة جارتنر (Gartner)، المتخصصة في الأبحاث والاستشارات، إلى أنه بحلول العام 2025 ستعتمد 65% من الشركات على نهج تعزيز الكوادر الوظيفية بالخبرات والمهارات حسب الحاجة لمعالجة نقص الكفاءات في مجال التكنولوجيا، خصوصًا مع تزايد الحاجة إلى المهارات المتخصصة نتيجة صعود الذكاء الاصطناعي والحَوسبة الكمومية والأتمتة.
وبناءً على ذلك، يتوجب على الشركات تعزيز عمليات إدماج الموظفين، والانفتاح على استقطاب المواهب من مختلف أنحاء العالم، والاستثمار في تقنيات التعاون لضمان تكامل سلس بين فرق العمل الأساسية والفرق التي يتم استقطابها باستخدام نهج تعزيز الكوادر الوظيفية بالخبرات والمهارات حسب الحاجة.
فيما نترقب نهاية عام 2024 وبداية عام جديد، من الواضح أن نقص الكفاءات في قطاع التكنولوجيا سيظل مشكلة قائمة. ولهذا، يعتبر نهج تعزيز الكوادر الوظيفية بالخبرات والمهارات حسب الحاجة خيارًا استراتيجيًا حاسمًا للشركات التي تسعى للبقاء في صدارة المنافسة، حيث يسمح لها هذا النهج بتوسيع نطاق أنشطتها واستقطاب مواهب متخصصة من مختلف أنحاء العالم.
تشير النجاحات التي حققتها شركات مثل جوجل ونتفليكس ومايكروسوفت إلى أن نهج تعزيز الكوادر الوظيفية بالخبرات والمهارات حسب الحاجة ليس مجرد حل مؤقت، بل هو نهج طويل الأمد يمكن توظيفهُ لمواجهة احتياجات سوق العمل في قطاع التكنولوجيا. وبالنسبة للشركات التي تتبنى هذا النهج المرن والعالمي، فهي ستحظى بأفضل فرص النجاح في سوق التكنولوجيا سريعة التطور.
بالتعرف على التحديات واستغلال الفرص المتاحة، تستطيع الشركات أن تجعل من نقص المواهب ميزة تنافسية، وذلك من خلال استخدام نهج تعزيز الكوادر الوظيفية بالخبرات والمهارات حسب الحاجة كوسيلة أساسية للنمو والابتكار.
الذكاء الاصطناعي كأداة لتعزيز التوافق بين المتطلبات الفنية وثقافة المؤسسة في قطاع تكنولوجيا المعلومات
[ الذكاء الاصطناعي ]
قراءة تستغرق 3 دق
تحويل إدارة البيانات والخصوصية من خلال تقنيات اللامركزية
[ العملات الرقمية / سلسلة الكتل ]
قراءة تستغرق 4 دق
مساعد الذكاء الاصطناعي