تحقيق الابتكار والنمو الاقتصادي من خلال تقنية البلوك تشين والعملات الرقمية في السعودية
[ العملات الرقمية / سلسلة الكتل ]
تاريخ
24 سبتمبر 2024
مدة القراءة
قراءة تستغرق 4 دق
مشاركة المنشور
[ العملات الرقمية / سلسلة الكتل ]
يشهد استخدام العملات الرقمية في المعاملات بين الشركات (B2B) تصاعدًا سريع الوتيرة. فعلى عكس الأنظمة المالية التقليدية التي تعتمد على البنوك ومراكز تبادل المعلومات والوسطاء، تتيح العملات الرقمية إجراء معاملات مباشرة بين الأطراف المعنية، مما يساعد في تقليل الوقت والتكاليف المرتبطة بالمدفوعات العابرة للحدود بشكل كبير، وهو ما يُعد ميزة هامة للشركات التي تُزاول أنشطتها على الصعيد العالمي.
في العادة، تستغرق المعاملات الدولية في البنوك أيامًا ليتم الانتهاء منها، وذلك بسبب إجراءات التحقق والتحويل المتعددة. ولكن مع استخدام العملات الرقمية، يتم الانتهاء من المعاملات وتسويتها بشكلٍ شبه فوري، كما أن تكاليفها غالبًا ما تكون أقل. وبسبب كل هذه المزايا، يزداد توجه الشركات في مدفوعاتها الدولية إلى العملات الرقمية مثل بيتكوين (Bitcoin) وإيثريوم (Ethereum)، بالإضافة إلى العملات المستقرة مثل عملة الدولار الأمريكي (USDC) وتيثر (Tether)، بهدف حماية مصالحها من تقلبات العملات ولتسهيل عمليات الخزانة.
علاوة على ذلك، تساهم الطبيعة اللامركزية لتقنيةِ البلوك تشين في تعزيز أمن وشفافية المعاملات؛ حيث يتم تسجيل كل معاملة في دفتر سجل رقمي يتميز بأنه لا يمكن تعديله ويكون الوصول إليه متاحًا للجميع، مما يقلل من مخاطر الاحتيال ويضمن الخضوع للمساءلة. أضف إلى ذلك أنّ العقود الذكية (Smart contracts)، التي تتميز بأنها ذاتية التنفيذ وتتضمن شروطًا مكتوبة مباشرة في الشيفرة، تُساهم في تحسين موثوقية وسرعة المعاملات بين الشركات (B2B)؛ حيث تقوم هذه العقود بتفعيل وتطبيق الالتزامات التعاقدية بشكل تلقائي عند تحقق الشروط المحددة مسبقًا، مما يُلغي الحاجة إلى الوسطاء ويُقلل من الأعباء الإدارية.
تسعى رؤية السعودية 2030 إلى تقليل اعتماد المملكة على النفط من خلال تطوير الاقتصاد وتعزيز الخدمات العامة مثل الصحة والتعليم والبنية التحتية والترفيه والسياحة. ويتمثل جوهر هذه الرؤية في التركيز على تحقيق التحول الرقمي وتهيئة بيئة اقتصادية قائمة على الابتكار.
أحد الأهداف الرئيسية لرؤية 2030 هو بناء بنيةٍ تحتية رقمية راسخة تدعم استخدام التقنيات الحديثة. ومن هذا المنطلق، تبذل المملكة جهودًا حثيثةً على مختلف الأصعدة لتحفيز الابتكار وزيادة الكفاءة التشغيلية، بالإضافة إلى خلق بيئة أعمال أكثر أمانًا وشفافية، من خلال دمج تقنيات البلوك تشين والعملات الرقمية في بنيتها الرقمية. ومن المتوقع أن يُسهم هذا النهج في استقطاب الاستثمارات الأجنبية وتشجيع ريادة الأعمال المحلية، خصوصًا في القطاعين التكنولوجي والمالي.
بالإضافة إلى ذلك، تركز رؤية 2030 على أهمية تطوير اقتصادٍ معرفي متكامل. وبفضل ما تتميز به تقنية البلوك تشين والعملات الرقمية من قدرةٍ على ابتكار نماذج أعمال وخدماتٍ مالية جديدة، فإنّ هذا يجعلها مُساهمًا فعالاً لتحقيق هذا الهدف على أرض الواقع. وبناءً على ما سبق ذكره، يمكن القول أنه من خلال دعم الشركات الناشئة في مجال البلوك تشين وابتكارات التكنولوجيا المالية، يمكن للسعودية أن تتبوأ موقعًا رائدًا كمركز إقليمي للتكنولوجيا والتمويل، بما يتناسب مع أهدافها الاستراتيجية.
تُركز رؤية السعودية 2030 أيضًا على تنويع الاقتصاد، حيث تهدف إلى تقليل الاعتماد على النفط وبناء نظام اقتصادي أكثر تنوعًا، تشارك في ازدهارهِ عدة قطاعات مثل التكنولوجيا والطاقة المتجددة والتمويل. وفي هذا السياق، يمكن لتقنية البلوك تشين والعملات الرقمية أن تلعب دورًا محوريًا في تحقيق التنوع الاقتصادي.
يستطيع قطاع الخدمات المالية في السعودية أن يجني فوائد كبيرة من استخدام تقنية البلوك تشين. وبالفعل، بدأت البنوك والمؤسسات المالية في المملكة دراسة إمكانيات هذه التقنية لدعم مجموعة من العمليات، بما في ذلك التمويل التجاري، والمدفوعات العابرة للحدود، وضمان الامتثال. فكما هو معروف، يمكن أن يُقلل استخدام العملات الرقمية من تكاليف التحويلات المالية، الأمر الذي يعتبر ضروريًا للدول مثل السعودية التي تضم أعدادًا كبيرة من المغتربين. أيضًا، يمكن أن يسهم ذلك في تطوير خدمات مالية أكثر أمانًا وفعاليةً وشمولية.
التجارة الإلكترونية والمدفوعات الرقمية: تُقدم التجارة الإلكترونية سريعة التطور في السعودية فرصةً لتعزيز استخدام العملات الرقمية في المعاملات بين الشركات (B2B)؛ فاستخدامُ العملات الرقمية في المدفوعات الإلكترونية يعتبر بديلاً أسرع وأكثر أمانًا مقارنة بطرق الدفع التقليدية. وهذا الأمر يلعب دورًا محوريًا في تسهيل المعاملات وتعزيز تجربة العملاء، والتي تعتبر من الضروريات في الوقت الذي تسعى فيه السعودية إلى تصدر مكانة رائدة في سوق التجارة الإلكترونية الإقليمي.
سلسلة التوريد والخدمات اللوجستية: تساعد تقنية البلوك تشين على تعزيز شفافية وكفاءة سلسلة الإمداد بشكل كبير، وهو ما يعد أمرًا حاسمًا بالنسبة للتجارة العالمية. من خلال استخدام هذه التقنية لتتبع السلع، والتحقق من المعاملات، وتوثيق المنتجات، يمكن للشركات مواجهة الاحتيال، وتحسين إدارة المخزون، وبناء الثقة في سلسلة التوريد. و هذا يتوافق تمامًا مع أهداف رؤية 2030 الرامية إلى ترسيخ مكانة السعودية كمركزٍ عالمي للخدمات اللوجستية.
تولي رؤية السعودية 2030 أهمية كبرى لتوسيع العلاقات التجارية ودعم التعاون الدولي بهدف تحقيق التنوع الاقتصادي. وهذا يمنح أهمية كبرى لاستخدام العملات الرقمية في المعاملات بين الشركات (B2B) بسبب إمكانياته في دعم تحقيق هذا الهدف من خلال تسهيل التجارة العابرة للحدود؛ فالعُملات الرقمية تُلغي الحاجة إلى تحويل العملات والتكاليف المرتبطة بها، مما يجعل المعاملات أكثر بساطة وفعالية من حيث التكلفة. وهذا قد يكون مفيدًا بشكلٍ خاص للغاية للشركات السعودية الراغبة في دخول أسواق جديدة.
علاوة على ذلك، تستطيع تقنية البلوك تشين أن تحسن تمويل التجارة من خلال تعزيز الشفافية والأمان في إجراءات المعاملات. إلى جانب أنه بالإمكان أتمتة مختلف جوانب اتفاقيات التجارة باستخدام العقود الذكية، مثل الدفع عند التسليم أو استيفاء شروط معينة، مما يقلل من الحاجة إلى تدخل الوسطاء ويحد من مخاطر الخلافات بين الأطراف المعنية.
في المملكة العربية السعودية، من الأهميةِ بمكان توفير إطار تنظيمي داعمٍ لتحقيق أقصى استفادة من استخدام العملات الرقمية في المعاملات بين الشركات (B2B). وفي الوقت الحالي، يبذل البنك المركزي السعودي "ساما" جهودًا نشطة لاستكشاف تقنية البلوك تشين والعملات الرقمية، وذلك من خلال المشاريع التجريبية وصناديق الاختبارات التنظيمية. تهدف هذه الجهود إلى التعرف على فوائد وتحديات هذه التقنيات، وتطوير تشريعات ملائمة تعزز الابتكار وتحافظ على الاستقرار المالي.
في إطار التحولات القادمة مستقبلاً، سيتطلب الأمر من السعودية تأسيس إطار تنظيمي متكامل يعالج التحديات الرئيسية، مثل مكافحة غسل الأموال، ومتطلبات عملية التحقق من هوية العُملاء المعروفة باسم اعرف عميلك (Know your customer)، وخصوصية البيانات وحماية المستهلك. ومن المهم للغاية أن يُحقق هذا الإطار توازنًا بين تعزيز الابتكار وضمان الأمان المالي، ليكون استخدام العملات الرقمية في المعاملات بين الشركات (B2B) آمنًا ومثمرًا.
ومن ضمن الاتجاهات الأخرى المتوقعة مستقبلاً أن يتبوأ التعاون الدولي لوضع المعايير التنظيمية مكانةً هامة؛ فبسببِ الطابع العالمي للعملات الرقمية، سيكون من الضروري للسعودية التعاون مع دول أخرى ومع الهيئات التنظيمية الدولية لتطوير معايير موحدة تُسهل المعاملات المالية العابرة للحدود باستخدام هذه العملات.
مما لا شك فيه أنّ مستقبل العملات الرقمية في المعاملات بين الشركات في السعودية (B2B) يبدو واعدًا ومُبشرًا، خاصةً في ظل سعي المملكة لتحقيق أهداف رؤية 2030 الخاصة بتنويع الاقتصاد والتحول الرقمي. من خلال استخدام العملات الرقمية وتقنية البلوك تشين، يمكن للسعودية تحسين تجربتها في المعاملات بين الشركات (B2B)، وتحفيز النمو الاقتصادي، وترسيخ مكانتها كقوة رائدة في الاقتصاد الرقمي. ومع ذلك، سيتوقف نجاح هذه المبادرة على وضع إطار تنظيمي فعال يعزز الابتكار ويضمن في الوقت نفسه الاستقرار والأمان المالي. ومع مواصلة السعودية بذل الجهود وتسخير الإمكانيات لتطوير بنيتها التحتية الرقمية وتحسين بيئتها التنظيمية، يتضح بشكل متزايد أنّ استخدام العملات الرقمية في المعاملات بين الشركات يمكن أن يُحدث ثورة في قطاع الأعمال ويدعم تحقيق التنوع الاقتصادي.
الاستعانة بمصادر خارجية كشريك استراتيجي لتحقيق أهداف رؤية السعودية 2030
[ الأعمال ]
قراءة تستغرق 3 دق
مقارنة شاملة بين إثبات العمل وإثبات الحصة: فهم أدوارهما في أمان وكفاءة البلوكشين
[ العملات الرقمية / سلسلة الكتل ]
قراءة تستغرق 3 دق
مساعد الذكاء الاصطناعي