استكشاف نجاح دبي في التحول إلى مركز عالمي للتكنولوجيا باستخدام البلوك تشين والذكاء الاصطناعي، وتأثير ذلك على مستقبل العملات الرقمية، والابتكار، والمدن الذكية.
[ العملات الرقمية / سلسلة الكتل ]
تاريخ
9 أكتوبر 2024
مدة القراءة
قراءة تستغرق 4 دق
مشاركة المنشور
[ العملات الرقمية / سلسلة الكتل ]
في عام 2024، رسخت دبي مكانتها كقوة عالمية في مجالي البلوك تشين والذكاء الاصطناعي. وقد أدت حكومة دبي، بالتعاون مع مؤسسة دبي للمستقبل، دورًا محوريًا في هذا التطور بفضل مشاريعها الرائدة، مثل استراتيجية دبي للتعاملات الرقمية-البلوك تشين واستراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي للعام 2031، والتي تسعى بواسطة جهودها إلى أن تصبح دبي "أذكى مدينة في العالم" من خلال الاستفادة الكاملة بنسبة 100% من تقنية البلوك تشين لإدارة المعاملات الحكومية.
وفقًا لتصريحات مؤسسة البيانات الدولية (IDC)، يُتوقع أن يصل حجم إنفاق كلٍ من الشرق الأوسط وأفريقيا على الذكاء الاصطناعي إلى 6.4 مليار دولار مع نهاية عام 2024. أما بالنسبة لدبي، فمنذ إطلاق استراتيجية دبي للتعاملات الرقمية-البلوك تشين في العام 2016، نجحت الإمارة في استقطاب أكثر من 300 دولار من الاستثمارات في تقنية البلوك تشين، الأمر الذي عزز من مكانتها كمركز رئيسي للشركات الناشئة في هذا المجال، خصوصًا في قطاعات التكنولوجيا المالية والخدمات اللوجستية.
ومن الأمثلة الواقعية على توظيف تقنية البلوك تشين وتأثيراتها البارزة في هذه الإمارة الطموحة: النقلة النوعية التي شهدتها دائرة الأراضي والأملاك بدبي، من خلال استخدام هذه التقنية في تسجيل المعاملات العقارية، مما يساهم في الحد من المعاملات الورقية، بالإضافة إلى الوقت المستغرق في إجراءات نقل الممتلكات بنسبة 50%. ومن الأمثلة الأخرى عن الذكاء الاصطناعي تجربة شركة كريم في دبي، التي استحوذت عليها أوبر مقابل 3.1 مليار دولار؛ حيث عملت الشركة على دمج الذكاء الاصطناعي في خدماتها لتوصيل الركاب، مما ساهم في تحسين المسارات وتجارب العملاء.
يستند توجه دبي الاستراتيجي نحو تحقيق مزيد من التطور باستخدام البلوك تشين على رؤيتها الطموحة لأن تصبح رائدة في الاقتصاد الرقمي على مستوى العالم. ومن الأمور التي دفعت دبي لتبني هذه التقنية في مختلف القطاعات ما تتميز به من مستوىً لا يُضاهي من الشفافية والأمان والكفاءة في المعاملات. ومن الأمثلة الأخرى الواقعية على ذلك بوابة سداد دبي (Dubai Pay)، وهي منصة مدعومة بتقنية البلوك تشين، يُساهم استخدامها في تيسير المدفوعات الحكومية في توفير حوالي 5.5 مليون ساعة من المعاملات الورقية سنويًا.
وبالتأكيد، ساهمت الأنظمة ذات التوجهات المستقبلية التي تعتمدها إمارة دبي في تعزيز التوجه نحو مزيدٍ من التطور. في شهر مارس من العام 2022، تأسست سلطة دبي لتنظيم الأصول الافتراضية (VARA) لتوفيرِ إطار تنظيمي شامل للعملات الرقمية وتقنية البلوك تشين. وقد كان لهذا أثرٌ كبير في استقطاب شركات مرموقة في مجال العملات الرقمية، مثل بينانس (Binance) وريبل (Ripple)، اللتان افتتحتا فروعًا في دبي. ونتيجة لذلك، أصبحت دبي في عام 2024 مقرًا لأكثر من 500 شركة متخصصة في البلوك تشين، مما يبرز دورها كمركز عالمي رائد للعملات الرقمية.
يُحدث الذكاء الاصطناعي تحولاً نوعيًا في القطاعات الرئيسية في دبي، مثل الرعاية الصحية والنقل والخدمات العامة. في مجال الرعاية الصحية، اعتمدت هيئة الصحة بدبي أنظمة قائمة على الذكاء الاصطناعي لتعزيز دقة التشخيص وتحسين جودة الرعاية المقدمة للمرضى. على سبيل المثال، يستخدم مستشفى راشد خوارزميات تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتحليل الأشعة المقطعية، مما يساعد في تشخيص مرضى السكتة الدماغية بسرعة أكبر، ويقلل مدة التشخيص من ساعات إلى دقائق.
أما في مجال النقل، دشنت هيئة الطرق والمواصلات في دبي خدمة سيارات الأجرة ذاتية القيادة المدعومة بالذكاء الاصطناعي، كجزء من خطتها الطموحة لجعل 25% من جميع الرحلات في المدينة ذاتية القيادة بحلول عام 2030. قد أجرت هذه المركبات تجارب ناجحة بالفعل، وذلك بالتعاون مع شركات مثل تسلا ووايمو من جوجل.
من جهة أخرى، استفادت الحكومة من الذكاء الاصطناعي لتحسين جودة الخدمات العامة. ومن نماذج ذلك قيام هيئة كهرباء ومياه دبي باستخدام الذكاء الاصطناعي للتَنبؤ بأنماط استهلاك الكهرباء، مما يساهم في تقليل الانقطاعات وتحسين الكفاءة. وهناك أيضًا روبوتات الدردشة المدعومة بالذكاء الاصطناعي، مثل "راشد"، الذي يساعد السكان والسياح في الحصول على إجابات على استفساراتهم المتعلقة بالخدمات الحكومية، مما يعزز من فعالية وسرعة خدمة العملاء.
رغم التطورات الكبيرة التي تشهدها، تواجه دبي تحديات في اعتماد البلوك تشين والذكاء الاصطناعي على نطاق أوسع؛ حيث تتطلب التغيرات التكنولوجية المتسارعة تحسينًا مستمرًا للبنية التحتية والمهارات. ووفقًا لتقرير صادر عن شركة برايس ووتر هاوس كوبرز (PwC) في العام 2023، فإن دولة الإمارات ستواجه نقصًا في الكفاءات المتخصصة في الذكاء الاصطناعي، مع فجوة تقدر بحوالي 30,000 إلى 40,000 متخصص بحلول العام 2025.
في إطار البلوك تشين، تستمر التحديات المتعلقة بالتوافق التنظيمي والشفافية القانونية. وعلى الرغم من الخطوات التي اتخذتها الحكومة لتنظيم العملات الرقمية، فإن الفروقات التنظيمية بين الدول لا تزال تشكل خطرًا. على سبيل المثال، يؤدي الاختلاف في قوانين البلدان حول أصول العملات الرقمية إلى تأخير تبني تقنيات البلوك تشين على المستوى الدولي.
بالإضافة إلى ذلك، لا يزال الأمن السيبراني من القضايا بالغة الأهمية والتي تُثير القلق؛ ففي عام 2024، ارتفعت الهجمات الإلكترونية على منصات البلوك تشين عالميًا بنسبة 32%، حيث استهدف القراصنة أنظمة التبادل اللامركزي (DeFi). وتعمل الجهات التنظيمية في دبي على مواجهة هذه التحديات من خلال التعاون مع الشركات لوضع بروتوكولات أمنية فعالة، إلا أن المخاطر لا تزال تشكل تهديدًا.
إذا ما قارنا دبي بمراكز التكنولوجيا العالمية الأخرى مثل وادي السيليكون (سيليكون فالي) وسنغافورة وشنغهاي، فإن ما يميزها هو مبادراتها الحكومية ورؤيتها التنظيمية المتقدمة. وفي الوقت الذي يتفوق فيه وادي السيليكون في مجال البحث والتطوير في الذكاء الاصطناعي، تتألق دبي في التطبيقات العملية الفعالة لهذه التقنيات في مختلف القطاعات والخدمات العامة.
وعلى الرغم من أنّ سنغافورة تُعد مركزًا لتقنية البلوك تشين في آسيا بفضل تشريعاتها المتقدمة المشابهة لتلك الموجودة في دبي، إلا أنّ دبي تتمتع بميزة الموقع الجغرافي الاستراتيجي، الذي يَجعلها جسرًا يربط بين الغرب والشرق. ومن المزايا الأخرى في دبي البيئة منخفضة الضرائب والسياسات الداعمة للأعمال، والتي تساهم في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة (FDI) الضخمة إلى قطاعها التكنولوجي. بحسب صحيفة فاينانشيال تايمز (Financial Times)، جاءت دبي في المرتبة السابعة عالميًا للاستثمار الأجنبي المباشر في قطاع التكنولوجيا في العام 2024، مع تدفقٍ في الاستثمارات تفوق قيمته مليار دولار.
تعتبر الأهداف الطموحة التي تتبناها دبي مؤشرًا على المستقبل الواعد المشرق الذي ينتظرها في مجال التكنولوجيا. ووفقًا لتصريحات الحكومة في الإمارات، تسعى المدينة بحلول عام 2030 إلى زيادة مساهمة الذكاء الاصطناعي في اقتصادها بنسبة 35%، وهو ما قد يُعادل 96 مليار دولار سنويًا. كذلك، يُتوقع أن تُخفض تقنية البلوك تشين تكاليف معالجة الوثائق في دبي بمقدار 1.5 مليار دولار سنويًا بحلول عام 2025، مما يبرز قدرتها على تغيير القطاعين العام والخاص.
لا تُظهر استثمارات دبي في أنظمة الذكاء الاصطناعي والبلوك تشين أي مؤشرات على التراجع. كما أن المدينة تستضيف باستمرار الفعاليات التكنولوجية العالمية مثل معرض جيتكس جلوبال (GITEX Global)، الذي كان الذكاء الاصطناعي والبلوك تشين من أبرز المواضيع التي تناولتها نسخة العام 2024، وجذبت اهتمام آلاف الخبراء والمستثمرين من مختلف أنحاء العالم.
تؤكد الجهود النشطة الفعالة التي تبذلها دبي في مجالي البلوك تشين والذكاء الاصطناعي على طموحها الجاد في تحقيق مركز الصدارة في التكنولوجيا على المستوى العالمي. وندرك جيدًا أن تفوقها في هذه المجالات نابعٌ من الدعم الحكومي القوي والسياسات الرائدة. وما زالت رحلة دبي في هذا الطريق في مراحلها الأولى رغم ما حققته من إنجازات في استقطاب أفضل الكفاءات العالمية والاستثمارات.
بينما تبدو الإحصائيات والأمثلة الواقعية مثيرة للإعجاب، فإن دبي تحتاج إلى الاستمرار في مواجهة التحديات مثل مخاطر الأمن السيبراني ونقص المهارات في مجال الذكاء الاصطناعي لضمان بقائها في الصدارة. ومن جهتنا، نتطلع بتفاؤل إلى توظيف دبي لهذه التقنيات لتعزيز الخدمات العامة وتحسين جودة الحياة للمواطنين. ومع مرور الوقت، سَيتوضح لنا ما إذا كانت دبي قادرة على المواصلة في طريق التطور في هذه المجالات، وتحقيق رؤيتها في أن تصبح المدينة الأذكى في العالم؛ خاصة أنّ الأسس التي تحتاج إليها لتحقيق ذلك موجودة، لكن هذا لا يُغني عن حقيقة أنّ الابتكار والتكيف المستمرين سيظلان أساسيين للحفاظ على ريادتها في عالم البلوك تشين والذكاء الاصطناعي.
تُعتبر ريادة دبي في هذا المجال مصدر إلهام حقيقي، ومن الجدير مراقبة كيفية تأثر المدن العالمية الأخرى بنَموذجها مستقبلاً.
تحقيق الابتكار والنمو الاقتصادي من خلال تقنية البلوك تشين والعملات الرقمية في السعودية
[ العملات الرقمية / سلسلة الكتل ]
قراءة تستغرق 4 دق
تعزيز ثقافة التنوع لتحقيق الابتكار والتميز في فرق تكنولوجيا المعلومات.
[ الأعمال ]
قراءة تستغرق 3 دق
مساعد الذكاء الاصطناعي