استغلال الذكاء الاصطناعي لتعزيز كفاءة التوظيف والتوافق مع رؤية 2030 في السعودية
[ الذكاء الاصطناعي ]
تاريخ
26 سبتمبر 2024
مدة القراءة
قراءة تستغرق 4 دق
مشاركة المنشور
[ الذكاء الاصطناعي ]
بفضل التزام السعودية بالابتكارِ والتكنولوجيا، شهدنا تسارعًا ملحوظًا في اعتماد الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات في المملكة. ومن أبرز أشكال ذلك ما يشهدهُ قطاع الموارد البشرية، الذي كان يعتمد سابقًا على الإجراءات اليدوية والأحكام الشخصية، لكن دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في عملية التوظيف قد أحدث تحولات كبيرة في هذا القطاع . حيث أصبح الذكاء الاصطناعي أداة رئيسية في يد خبراء الموارد البشرية بفضل التركيز المتزايد في المملكة على بناء اقتصادٍ معرفي ووجود حاجةٍ لجذب أفضل الخبرات في مختلف القطاعات.
يعمل الذكاء الاصطناعي في الوقت الحالي على إعادة صياغة وتشكيل طرق التوظيف المتبعة في الشركات السعودية. وفيما يلي، استعراض لبعض المجالات الرئيسية التي يظهر فيها هذا التأثير بوضوح:
أ: فرز السير الذاتية بواسطة الأنظمة الآلية
تعتبر عملية فحص وفرز السير الذاتية من أكثر المهام استهلاكًا للوقت في إجراءات التوظيف. فوفقًا للأساليب التقليدية، كان موظفو الموارد البشرية يضطرون لقضاء ساعات طويلة في مراجعة مئات، وربما آلاف، السير الذاتية يدويًا للعثور على أفضل المرشحين للشواغر الوظيفية. أما الآن، تقوم الأدوات المدعومة بالذكاء الاصطناعي بإجراء عملية فحص السير الذاتية بشكلٍ آلي باستخدام تقنيات معالجة اللغة الطبيعية (NLP) وخوارزميات التعلم الآلي لتحليل البيانات بسرعة وكفاءة، واختيار المرشحين وفقًا لمعايير محددة مسبقًا. أما فوائد عملية الأتمتة هذه، فهي لا تقتصر على توفير الوقت، بل تساهم أيضًا في التقليل من احتمال تأثير التحيز البشري على عملية اختيار المرشحين.
ب. تحسين عملية مطابقة المرشحين
تستطيع أنظمة الذكاء الاصطناعي تحليل متطلبات الوظائف ومطابقتها مع ملفات المرشحين بدقة فائقة، كما يمكن لهذه التكنولوجيا المتطورة تحديد المرشحين الذين يُرجح أن يناسبوا الوظيفة استنادًا إلى البيانات التي تم جمعها من عمليات التوظيف الناجحة السابقة. وعليه، يمكن الاستفادة من هذه التحليلات التنبؤية لمساعدة الشركات السعودية على اتخاذ قرارات أفضل مبنية على معلومات دقيقة، مما يزيد من احتمالية نجاح عمليات التوظيف ويقلل من معدلات ترك العمل.
ج. روبوتات الدردشة الآلية لتعزيز التواصل مع المرشحين
تشهد روبوتات الدردشة الآلية المدعومة بالذكاء الاصطناعي انتشارًا متزايدًا في مجال التوظيف، وذلك لما تقدمه من مزايا تشمل إدارة التفاعلات الأولية مع المرشحين، والإجابة على الاستفسارات الشائعة، وتقديم تفاصيل حول الشركة، وحتى تنظيم مواعيد المقابلات الشخصية. وفي السعودية، حيث تواجه الشركات غالبًا أعدادًا هائلة من الطلبات، تلعب روبوتات الدردشة الآلية دورًا رئيسيًا في تسهيل التواصل وضمان بقاء المرشحين متفاعلين طوال عملية التوظيف.
د. فحص وتحليل المقابلات عبر الفيديو
في أعقاب جائحة كوفيد-19، أصبحت المقابلات الوظيفية عبر الفيديو أكثر انتشارًا. وبفضل أدوات الذكاء الاصطناعي، بات بالإمكان تحليل هذه المقابلات، وتقييم إجابات المُرشحين وتعابير وجوههم ولغة أجسادهم بشكل فعال. وتساعد هذه التحليلات موظفي الموارد البشرية في السعودية على تقييم مدى تناسب المرشح مع الوظيفة بشكل أكثر شمولية، مقارنةً بالمعلومات الواردة في السيرة الذاتية أو المقابلة الشخصية وجهًا لوجه.
هـ. الحد من التحيز في عمليات التوظيف
يعتبر التحيز اللاشعوري من التحديات البارزة في عملية التوظيف، حيث قد يؤدي إلى اتخاذ قرارات توظيف غير عادلة. لكن، يقدم الذكاء الاصطناعي حلولاً لهذه المشكلة من خلال تعزيز اتخاذ القرارات المبنية على البيانات. ويكون تحقيق ذلك من خلال استخدام الذكاء الاصطناعي في تقييم المرشحين بناءً على مهاراتهم وخبراتهم ومؤهلاتهم فقط، بعيدًا عن تأثيرات العوامل الأخرى مثل الجنس والعرق أو العمر، مما يدعم التنوع والشمولية في بيئة العمل.
يحقق دمج الذكاء الاصطناعي في إجراءات التوظيف العديد من الفوائد للشركات السعودية، ومنها:
أ. تحقيق الكفاءة وتوفير التكاليف
تساهم تقنيات الذكاء الاصطناعي في تسريع العديد من الإجراءات في عملية التوظيف، بما في ذلك فرز السير الذاتية وترتيب مواعيد المقابلات الشخصية، مما يُوفر الوقت والجهد المَبذولين بشكلٍ كبير. وبالتأكيد، يساهم هذا في تقليل التكاليف، وبالتالي يمكّن الشركات من استخدام مواردها بشكل أفضل.
ب. تعزيز جودة التوظيف
تستطيع الشركات الاستفادة من القدرات التنبؤية للذكاء الاصطناعي لتحديد المرشحين الذين من المتوقع أن يكونوا أكثر نجاحًا في الوظائف المتاحة. وتُعزز هذه العملية من دقة قرارات التوظيف التي يتم اتخاذها، مما يؤدي إلى تحسين الأداء الوظيفي وتقليل معدلات ترك الوظائف.
ج. تحسين تجربة المرشحين
بفضل استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي مثل روبوتات الدردشة الآلية وجَدولة المقابلات التلقائية، يمكن توفير تجربةٍ أفضل للمرشحين للشواغر الوظيفية. ومن أشكال هذه التجربة تلقي المرشحين ردودًا سريعة بالإضافة إلى إبقائِهم على اطلاع دائم بالمستجدات طوال عملية التوظيف، مما يعزز تصوراتهم الإيجابية عن الشركة.
د. اتخاذ القرارات المبنية على تحليل البيانات
يقدم الذكاء الاصطناعي لموظفي الموارد البشرية بياناتٍ وتحليلات قيمة، تساعدهم في اتخاذ قرارات أكثر دقة. ويساعد هذا النهج المعتمد على البيانات الشركات السعودية على تنسيق استراتيجيات التوظيف التي تتبناها لتتوافق مع الأهداف الكبرى لقطاع الأعمال.
هـ. دعم جهود التوظيف الوطنية (السعودة)
تُولي رؤية السعودية 2030 اهتمامًا بالغ الأهمية بالتوطين، أو السعودة "Saudization"، الهادف إلى زيادة نسبة توظيف السعوديين في القطاع الخاص. ويمكن أن يؤدي الذكاء الاصطناعي دورًا محوريًا في دعم هذه الجهود من خلال تحديد المرشحين السعوديين المؤهلين وضمان توافق عمليات التوظيف مع أهداف السعودة.
تُرافق فوائد الذكاء الاصطناعي في التوظيف مجموعة من التحديات والاعتبارات التي تحتاج الشركات في السعودية إلى معالجتها:
أ. حماية خصوصية البيانات وأمنها: يترتب على استخدام الذكاء الاصطناعي في التوظيف جمع وتحليل كمٍ هائل من البيانات الشخصية. وعليه، يجب على الشركات الالتزام بقوانين حماية خصوصية البيانات في السعودية وتطبيق تدابير أمنية فعالة لضمان حماية معلومات المرشحين.
ب. الاعتبارات الأخلاقية: عند تصميم عمليات التوظيف المدعومة بالذكاء الاصطناعي، من الضروري أخذ الاعتبارات الأخلاقية بعين الاعتبار؛ حيث قد يُسبب سوء إدارة خوارزميات الذكاء الاصطناعي، أو عدم التعامل معها بعناية، تكرارًا في التحيزات السائدة. ولهذا، يتعين على الشركات ضمان اتسام أدوات الذكاء الاصطناعي التي تستخدمها بالشفافية والعدالة، كما يجب أن تخضع بشكلٍ منتظم للتدقيق لمنع التحيز والتمييز.
ج. التكامل مع أنظمة إدارة الموارد البشرية الحالية: يستلزم تطبيق الذكاء الاصطناعي في عملية التوظيف دمجه مع الأنظمة والأدوات الحالية الخاصة بالموارد البشرية. وهذا الأمر يحتاج من الشركات الاستثمار في تطوير البنية التحتية والتدريب لضمان أن يتم ذلك بسلاسة, وهذا قد يتطلب تحديث البرمجيات المُستخدمة في الموارد البشرية، وتدريب الموظفين، إلى جانب التأكد من توافق أدوات الذكاء الاصطناعي مع الأنظمة الأخرى في العمل.
د. مقاومة التغيير: كما هو الحال مع أي تقنية جديدة، قد تواجه الشركات تحدياتٍ عندما تسعى إلى دمج الذكاء الاصطناعي في عملية التوظيف. فمن جهة، يمكن أن تساور الشكوك القائمين على الموارد البشرية ومدراء التوظيف بشأن قدرة الذكاء الاصطناعي على اتخاذ قرارات صحيحة. ومن جهةٍ أخرى، قد يصيبهم القلق من أن يحل محل الخبرة البشرية عندما يتعلق الأمر بإصدار الأحكام. وبالنسبة لهذه المخاوف، فمن المهم معالجتها من خلال التوعية والتعرف على فوائد الذكاء الاصطناعي، وذلك لضمان تطبيقهِ بنجاح.
هـ. ضمان التوافق مع الثقافة المحلية: عند دمج الذكاء الاصطناعي في التوظيف، من الضروري مراعاة الثقافة الفريدة للمملكة العربية السعودية؛ حيث يتعين على الشركات التأكد من أن أدوات الذكاء الاصطناعي تتوافق مع القيم والعادات الثقافية المحلية. ويشمل هذا الاهتمام بتفضيلات اللغة، وأساليب التواصل، وحتى العادات الاجتماعية.
من الواضح أنّ مستقبل الذكاء الاصطناعي في قطاع التوظيف في المملكة العربية السعودية يبدو مشرقًا ويحمل معه آفاقًا جديدة، وذلك بفضل التقدم التكنولوجي المتواصل وزيادة تقبل الشركات لهذه التكنولوجيا. كما من المتوقع أن تؤثر الاتجاهات التالية في رسم ملامح مستقبل التوظيف المدعوم بالذكاء الاصطناعي في المملكة:
1. منصات استقطاب المواهب المدعومة بالذكاء الاصطناعي: مع تطور تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، من المتوقع ظهور منصات حديثة لاستقطاب المواهب والكفاءات تستفيدُ من الذكاء الاصطناعي في كل مرحلة من مراحل عملية التوظيف. وستوفر مثل هذه المنصات حلولاً متكاملة وشاملة، بدءًا من البحث عن المرشحين وحتى توظيفهم في الشواغر المتاحة، مما يجعل عملية التوظيف أكثر سلاسة وكفاءة.
2. تحسين التخصيص الشخصي: سيتيح الذكاء الاصطناعي تجارب توظيف أكثر تخصيصًا للمرشحين. غمن خلال تحليل التفضيلات والسلوكيات الخاصة بالأفراد، يمكن للذكاء الاصطناعي تخصيص توصيات الوظائف، وطرق التواصل، والمقابلات وفقًا لاحتياجات كل مرشح، مما يعزز من تفاعلهم ورضاهم.
3. الشراكة بين الذكاء الاصطناعي والخبراء في الموارد البشرية: لن يحل الذكاء الاصطناعي محل المتخصصين في الموارد البشرية؛ بل سيكون بمثابة أداة تعاونية تساهم في تعزيز قدراتهم. حيث سيُساعدهم في الحصول على المعلومات الهامة، وأتمتةِ المهام الروتينية، واتخاذ قرارات استراتيجية مدروسة، مع الاستمرار في الوقت نفسه في الاستفادة من خبراتهم وآرائهم في عملية التوظيف.
4. الاهتمام بالتعلم المستمر والتطوير المهني: مع استمرار الذكاء الاصطناعي في إحداث تغييرات في مجال التوظيف، سيكون هناك تركيزٌ متزايد على التعليم والتطوير المستمر لمتخصصي الموارد البشرية. إذ ستقوم الشركات بالاستثمار في برامج تدريبية لتزويد فرق الموارد البشرية بالمهارات اللازمة للتعامل بفعالية مع أدوات الذكاء الاصطناعي والتأقلم مع التغيرات في هذا المجال.
5. توسيع تطبيقات الذكاء الاصطناعي إلى مجالات أخرى: بالرغم من أنّ التوظيف يُعد أبرز المجالات التي يتم تسليط الضوء عليها في مسألة استخدام الذكاء الاصطناعي في الموارد البشرية، إلا أنه من المتوقع أن يمتد تأثير تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في الموارد البشرية في السعودية إلى مجالات أخرى، بما في ذلك إدارة الأداء، وتعزيز تفاعل الموظفين، وتخطيط القوى العاملة. حيث ستوفر التحليلات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي رؤى عميقة حول سلوك الموظفين والديناميات التنظيمية، مما يتيح اتخاذ قرارات أكثر فعالية قائمة على البيانات.
يعمل الذكاء الاصطناعي على إحداث نقلة نوعية في إجراءات التوظيف في الشركات السعودية، مُقدمًا بذلك فوائد عديدة تشمل زيادة الكفاءة، وتحسين جودة التوظيف، وتوفير تجربة أفضل للمرشحين. ومع ذلك، فإن النجاح في تطبيق الذكاء الاصطناعي في التوظيف يتطلب الالتفات إلى التحديات الأخلاقية والثقافية والتقنية بجدية وأخذها بعين الاعتبار. حيث يُتوقع أن يتسع نطاق استخدام الذكاء الاصطناعي في الموارد البشرية في ظل استمرار المملكة العربية السعودية في تحقيق التحول الرقمي والابتكار، مما سيساهم في تعزيز مستقبل استقطاب الكفاءات الوظيفية ويدعم تحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية الشاملة للمملكة.
من خلال الاستفادة من الذكاء الاصطناعي، تستطيع الشركات السعودية تحسين إجراءات التوظيف إلى جانب مواءمة استراتيجياتها في استقطاب الكفاءات مع الأهداف الطموحة لرؤية 2030، مما يساهم في تحقيق النمو المستدام والتطوير في المملكة.
تعزيز ثقافة التنوع لتحقيق الابتكار والتميز في فرق تكنولوجيا المعلومات.
[ الأعمال ]
قراءة تستغرق 3 دق
تحقيق الابتكار والنمو الاقتصادي من خلال تقنية البلوك تشين والعملات الرقمية في السعودية
[ العملات الرقمية / سلسلة الكتل ]
قراءة تستغرق 4 دق
مساعد الذكاء الاصطناعي